أخــبــار آراء الــبــرامــج الــحــلــقــة ريـــاضــة اتــصــل بــنــا مــن نــحــن
په‌خشی ڕاسته‌وخۆ

خسر الكورد رهانهم على الديمقراطية في العراق

  • محمد واني – كاتب من إقليم كوردستان

 كثيراً ما يتعرض السياسيون وأصحاب السلطة الى أخطاء تكتيكية بسيطة وهم يخوضون المعترك السياسي ويديرون شؤون البلاد، ولكن سرعان ما يعالجونها ويضعون لها الحل المناسب، وقد يعمدون الى الاستقالة ومعاقبة الذات إذا ما رأوا أن الخطأ يقتضي ذلك، وهذه طبيعة البلدان المتقدمة، لايوجد فرق كبير بين الخطأ الكبير والخطأ الصغير كلاهما خطأ يجب أن يعاقب مرتكبه، مهما كان منصبه ومكانته في المجتمع والدولة، ولكن في البلدان المتخلفة ليس للخطأ الاستراتيجي الكبير الذي يدمر بلداً أي أهمية تذكر فضلا ً عن الخطأ الصغير، فالقائد الضرورة لايسأل عما يفعل ويتصرف حسب هواه وبما تمليه مصالحه الشخصية ونزواته الطائشة، فهو فوق القانون، فقد ارتكب صدام حسين خطأ تاريخياً عندما غزا الكويت وتحدى المجتمع الدولي، ومازال العراق والمنطقة تعاني من تداعياته القاتلة، والحزبين الكورديين ارتكبا خطأ استراتيجياً كبيراً عندما تخليا عن إقليمهما المستقل إدارياً وسياسياً عن بغداد منذ 1992، ولم يعلنا الاستقلال بعد سقوط الدولة العراقية، بل أعادا عقارب الساعة الى الوراء وارتضيا أن يخضعا للنفوذ العراقي ثانية، وشاركا في تشكيل الدولة من جديد، جريا ً وراء سراب الديمقراطية العراقية والوعود الكاذبة للأحزاب الشيعية الحاكمة بتطبيق المادة 140 وإعادة المناطق كردية المغتصبة الى الإقليم، متناسيان أن الديمقراطية لايطبقها اناس غير ديمقراطيين ، وان الافكار الطائفية المبنية على اساس الانتقام والثأر لايمكن ان تبني دولة ديمقراطية ، فراهنا على حكم الأحزاب  الميليشياوية الدموية على تسوية القضية الكردي من خلال الدستور والمباديء الديمقراطية، فخسرا الرهان ووضعا الشعب الكردي في ازمة غير قابلة للحل!

 وإزاء الخرق المستمر لبنود الدستور من قبل تلك الأحزاب الشيعية واستعمال البرلمان كمطية لتحقيق أهدافها التوسعية، وقف الكورد عاجزين أمام هذه التجاوزات بسبب وجودهم الضعيف وغير المؤثر في البرلمان العراقي، فهم يمتلكون أقل من ربع المقاعد في البرلمان (50 مقعدا او أكثر بقليل من مجموع 325 مقعدا)، لذلك فهم دائما بحاجة إلى أصوات الكتل الأخرى الكبيرة لتعطيل أو تفعيل مشروع سياسي كبير، في حين أن الدستور العراقي في العهدين الملكي والجمهوري يشير إلى أن العراق شراكة بين قوميتين رئيسيتين ومكونين أساسيين: عربي وكردي، والدستور البعثي أيضاً يقرر أن العراق مكون من قوميتين رئيسيتين: القومية العربية والقومية الكوردية، في حين أن النظام «الديمقراطي» الجديد يؤكد على أن العراق يتشكل من عدة مكونات رئيسية، وهي «المكون الشيعي والمكون السني والمكون الكوردي والمكون التركماني والمكون اليزيدي والمكون المسيحي.. إلخ»، وهذه المكونات بدورها تتشكل من أحزاب مختلفة لا تحصى وكل حزب يسعى الى تحقيق مكاسب كبيرة من خلال العملية الديمقراطية، وفي النهاية لا يمكن لأي حزب او مكون التوصل إلى حل نهائي في أي قضية مفصلية كبيرة ما لم تتوافق عليها جميع هذه المكونات والأحزاب المتناقضة فكريا ًوطائفيا ًوعرقياً ، وهذا شبه مستحيل، وأبرز مثال على ذلك المادة 140 الدستورية التي ما زالت تنتظر توافق الكتل والمكونات والإثنيات المختلفة منذ سنوات من دون نتيجة.

 وفي خضم انشغال الكورد بمتاهات العمق العراقي وانهماكهم بمشكلاته وأزماته الكثيرة، ومحاولاتهم المتواصلة للتوفيق بين الفرقاء السياسيين في خلافاتهم الطائفية وصراعاتهم السياسية، وتقديم مبادرات تلو مبادرات لهذا الغرض، تميعت القضية الكردية وفقدت جزءاً  كبيراً من تفردها وخصوصيتها القومية لصالح الخصوصية العراقية العربية..

 

  • المصدر: موقع إيلاف

          7/10/2018

 

. مواضیع ذات صلة
  • لماذا لا لحل الدولتين؟!

    يطالب الفلسطينيون والعرب في مؤتمراتهم العلنية بما يسمى (حل الدولتين)، وهو المصطلح المتداول لغرض إثبات دعم القضية الفلسطينية، والذي لم يثبت حتى الآن رغم حجم الدعم المعنوي الجماهيري أولاً، ثم  الرسمي العربي في المؤتمرات، وبعض الرسمي الغربي للشعب الفلسط

  • الحرب على غزة والنفاق الدولي

    الحرب على غزة تكاد تتجاوز النصف الأول من عامها الأول، والاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في إبادته الجماعية بحق المدنيين العزل، من خلال ارتكاب المزيد من المجازر، وتدمیر المنشآت والمدن، وانتهاج سياسة التجويع. والنقطة الجوهرية؛ أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أ

  • معايير الشفافية

     تعدّ الشفافية من أهم معايير ومرتكزات الحكم الرشيد، وتعتبر دعامة أساسية للمعايير الأخرى؛ كالمشاركة، والمساءلة، والكفاءة، والفاعلية، والنظام الرقابي الفعال، إذ هي تعني – في أوضح معانيها – التدفق الحر للمعلومات، وإتاحتها لكل المؤسسات والجهات المعنيّة،